قِديسُ الحًرْف
قِدْيس مُحَرْم عَلىّ الْعِشقْ !
تاريخ التسجيل : 09/11/2007 رقم العضويه : 1 المشاركات : 888 البلد : الحب والجرح والحزن المزاج : نقاط : 12908 السٌّمعَة : 0 الدعـاء :
| موضوع: في تاريخ الفراشات ! .. السبت أبريل 03, 2010 5:59 pm | |
| حين أُرهقت الفراشات الليلية نتيجة الإخفاق في العثور على مأتم يأوي أجسادهم البالية من صرير العُرَواء بعد أن دق الزمهرير قلوبهم الواهِنَةُ وآنسَوا اقتراب الأَجَلُ وأشتدّ الوجل
سَفَرَ لهم وَمَضْ ضوء خافت كألسنة نار تغور هاربة من الأتون ! ورفرفوا إليه وأجنحتهم رفّاً في رحلة الخلاص من أرق الليل الوارف وما إن ركنوا حتى أجفل الضوء من سرب الفراشات المتضورة جوعاً بحثاً عن جزيئات النور !
تحت غبش العتمة ابتهلوا رحمة تغشاهم من الرياح العاتيات, وثبات زرابيها كانَ يجتاحهم شعوراً بالذعر والهلاك خوفا من الإجحاف الأحق بهم
بالنسبة للمكلة ذات ألوان تضاهي عرس الكرنفال ! تستوي وعلى رأسها إكْليلاً لا تزعزعه عن مكانه وعيناها الشَّوْصاءُ ترمق السماء
إن كانت ستموت , تموت كالنبلاء !
أدَّثرَ الظلام الداهم بريق النجوم
واحتضنت الغيوم تكور القمر وأقفلته بكلتا راحتيها فبات الحراك كالكفيف ! والهَفْتُ الدَجْنُ رَّذَاذُ مطر يكلله أزيز الرعد إذ أن حوافر الماء استكانت على أجنحة الفراشات وقصم ظهورهنّ الصَّقيع القارص لتسقط النهايات عند إقدام أقدام المنون
في لحظة تذكروا أريج الأزهار والأترجّ وابتسموا واستماتوا من أجل العودة إلى حياة لكن لـا حياة لهم فيها
ليبيضوا أكثر ويتكاثر النسل ويبرمون صفقة مع النحل لكي الرحيق يوما ولنا العسل !
وينصتون للعصافير في زقزقة الفلقْ ويمارسون تارة التمرد على الزهر
وتارة الهجر ويعودون بعد وهلة مطأطئ الرؤوس ويعتذرون للزهر
وينغمسون في اتّساقُ الطبيعة الخلابة ويتسكعون في الهواء الممتد من الجبهات المطلة على العالم غارقينْ في تقبيل وردة الجبل العذراء يصطفون حول الجداول ويحدقون بالرقراق وهو يختال تلألأ وبَصِيص ويشنف آذانهم تَّرَنمَ خريره المتصاعد في لحن الاقتراب والمتباعد في رواحه .
تتبدّد أحلام الفراش عند الموت تحتضن كفوف اللحظات وتحتضر في السقوط الأخير لهم
كان الليل يلفظ أنفاسه الآجلة و الصبح يزفر أول بداياته
تلك الشمس تتدافع أشعتها على جثث الفراش الهامدة وشقت طريقها نحو ساير الأكوان
وبقت الأجساد ملقاة على الأرض وأرواحهم ذات الطابع الفراشي الباعث إلى طُهر الطبيعة والرسم النقائي الملهم للعيون الناظرة لهم
لم تنتظر تلكْ الأجساد أحدهم يزيل الكَتنَ ويلفهم بالكفن ويكافئهم بالدفن ويعلن الحداد كي تفضْ الطبيعة ثيابها الخضراء وتلبس السوداء وتعتمر غيوم السماء قبعة للعزاء
وبيديها تلقي آخر أذيال الرمل على القبر المكتظ بهم وتضع باقي الورود المنحنية أوراقها في ذبول تام
لم تنتظر تلكْ الأجساد سوى نسمات تأتي من مكان بعيد تأخذهم في كف واحدْ
إلى هناك حيث أرواحهم تنتظر .
تمنياتي أن تحوز على رضاكم
| |
|