منذ فترة قصيرة، حوالي 3 أشهر نشرت جريدة دانمركية ذائعة الصيت، وذات مصداقية كبيرة لدى الشعب الدانمركي، مسابقة لرسم أحسن
كاريكاتير، للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وبالفعل أرسل القراء أكثر من مائة صورة...
وتم نشر حوالي 12 كاريكاتير، تصور رسول الله، وهو يلبس عمامة مليئة بالقنابل والصواريخ، وتصوره وهو يصلى في أوضاع مهينه للغاية، ولقد تم نشر هذه الصور علنا ,وعلى مدار عدة أسابيع، وبمعرفة وموافقة، بل وتأييد من الحكومة، وتفاعل الرأي العام الدانمركي معها، ولقد حاولت الجالية الإسلامية هناك، الدفاع
عن الإسلام ومقدساته، وذلك بوقف نشر هذه الصور، كما رفض رئيس التحرير مجرد مقابلتهم، وتضامنت كل الهيئات الحكومية مع الجريدة، ورفضت كل محاولات الجالية الإسلامية...
فقاموا بعمل بعثة إسلامية للقيام بجولة في العالم العربي للتضامن معهم عن طريق فرض حصار اقتصادي، بمقاطعة كل المنتجات الدانمركية ومنع استيرادها ، وكل ما نرجوه من كل من يقرأ هذه الرسالة، أن يقاطع كل المنتجات الدانمركية ..
ولا تنسوا أنكم سوف تلقون رسول الله يوم القيامة على نهر الكوثر فمذا ستقولون له وقد علمتم ما علمتم ؟ أرجوكم يا شباب لا تجعلوا الأمر يمر عليكم مرور الكرام، وتخيلوا لو أن أحدهم سب أمك أو أختك فماذا سيكون رد فعلك؟ وهل أهلك وذويك، أحب إليك من رسول الله..................
خطبة بتصرف لـ فضيلة الشيخ خالد الشايع حفظه الله /
إن الحمد لله ... أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلفٌ. عباد الله لا يخفى عليكم ما قامت به الصحف الدنمركية من الحملة الإعلامية الشرسة المحمومة على أزكى البشرية وخير البرية من تشويه لسيرته ووصفه بأقبح الأوصاف في رسوم شنيعة وصور قبيحة، تباً لهم ساء ما يعملون. وعلى مدى ثلاثة أشهر وهذه الصحف تصر على غيها وتتمادى في طغيانها، غير آبهة بمقامه الشريف ; أو مشاعر المسلمين في شرق الأرض وغربها. وقد عمد إخواننا من الجالية المسلمة في الدنمرك، ومعهم غيرهم من المواطنين الدنمركيين، وكذلك غيرهم من المقيمين في الدنمرك إلى إنكار هذه السخرية التي نالت أشرف إنسان في التاريخ، فكُتبت المقالات ووُجهت الرسائل إلى الحكومة الدنمركية وإلى الصحيفة المعنية، مطالبين بالاعتذار عن هذا العمل والكَفِّ عن مثله مستقبلاً، وقد تظاهر في شهر أكتوبر الماضي أكثر من (5000) مسلم وغيرهم من المتعاطفين معهم في عاصمة الدنمرك ضد الصحيفة وطالبوها بالاعتذار. غير أن السلطات هناك ومسئولي الصحيفة رفضوا ذلك بمبررات حرية الإعلام والتعبير، وأنه لا شيء يستثنى من شموليته وحريته. ولا زال مسئولو الصحيفة والحزب الحاكم الذي تنتمي إليه يرفضون الاعتذار، وينوون الاستمرار في منهجهم المتهجم على الرسول الكريم الذي قال الله له:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} متجاهلين بذلك المواثيق والأعراف الدولية، غير مبالين بالاعتراضات المقدمة إليهم. فكان من الواجب علينا، وعلى غيرنا ممن حمَّلهم الله أمانة البيان والبلاغ البيان في ذلك، وإنكاره غضبة لله وانتصاراً لرسوله ; إحقاقاً للحق وإزهاقاً للباطل. فلنا مع هذا الحدث هذه الوقفات نعتذر فيها إلى الله من قلة حيلتنا وضعف قوتنا وهواننا على الناس. نجملها في وقفات معدودة مِدَادُهُا دُمُ القلوب، ورقعتها مُهْجَةُ الأنفس، نقولها دفاعاً عن أحبِّ حبيب، ومن هو أعز علينا من كل قريب، ونذيعها ذوداً عن أزكى البرية وأطهر البشرية صاحب الجبين الأنور والجبين الأزهر ; . الوقفة الأولى: نقدمها لكم أنتم أيها المؤمنون وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فرسولكم محمد ; شامة في جبين التاريخ، فما أشرقت الشمس ولا غربت على أطهر منه نفساً، ولا أزكى من سيرة، ولا أسخى منه يدا، ولا أبر منه صلة، ولا أصدق منه حديثاً، ولا أشرف منه نسباً، ولا أعلى منه مقاماً. جمع الله له بين المحامد كلها فكان محمداً، ورفع الله ذكره وأعلى قدره فكان سيداً. هو سيد ولد آدم ولا فخر، سيبعثه الله يوم القيامة مقاماً محموداً تتقاصر دونه الأطماع وتتطامن دونه الأماني، إنه الشفاعة العظمى يوم الموقف يوم أن يتخلى عنها أولو العزم من الرسل ويقول هو ; أنا لها أنا لها. جمع المحامد كلها، وحازمن المكارم أجلها، محمود عند الله؛ لأنه رسوله المعصوم، ونبيه الخاتم، وعبده الصالح، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، وخليله من أهل الأرض، ومحمود عند الناس؛ لأنه قريب من القلوب، حبيب إلى النفوس، رحمة مهداة، ونعمة مسداة، مبارك أينما كان، محفوف بالعناية أيمنا وجد، محاط بالتقدير أينما حل وارتحل. كان العرب يعيشون جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، كانوا أسارى شبهات وأرباب شهوات، يعبدون الأصنام ويستقسمون بالأزلام،، ظلوا على هذه الحال إلى أن بزغ نور الإسلام وسطع فجر الإيمان وتألق نجم النبوة. ولد الهادي العظيم، فكان مولده فتحاً، ومبعثه فجراً، بدد به الله جميع الظلمات، وهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، وكثر به بعد القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة. فصلى الله عليه وسلم ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. فلن تضيره هذه السخرية مهما عظمت أو تكاثرت، كما أخبرنا بذلك ربُّنا في القرآن العظيم. ونحن نعتقد أن الله سبحانه سيحمي سمعة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ويخلد ذكره الحسن ويصرف عنه أذى الناس وشتمهم بكل طريق، حتى في اللفظ، ففي " الصحيحين" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا ترونَ كيف يَصْرِفُ الله عنِّي شَتْمَ قريشٍ ولعنَهم، يشتمون مُذَمَّمَاً، ويلعنون مُذَمَّمَاً، وأنا مُحَمَّدٌ ! ". فنَزَّه الله اسمَه ونَعْتَه عن الأذى، وصرف ذلك إلى من هو مُذَمَّم، وإن كان المؤذِي إنما قصد عينه". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: " يشتمون مُذَمَّمَاً ": كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده، فيقولون: مُذَمَّم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فَعَلَ الله بمذمم. ومُذَمَّم ليس هو اسمه عليه الصلاة والسلام، ولا يُعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفاً إلى غيره. وهكذا تلك الرسوم التي دعت الجريدة الرسامين لرسمها ونشرتها على صفحاتها، إنها قطعاً لا تمثل رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم، لا في رسمها، ولا في رمزها: لا في رسمها: أي ملامح الوجه، فوجه محمد هو الضياء والطهر والقداسة والبهاء، وجهه أعظم استنارةً وضياءً من القمر المسفر ليلة البدر، وجه محمد يفيض سماحةً وبشراً وسروراً، وجه محمد له طلعةٌ آسرة، تأخذ بلب كل من رآه إجلالاً وإعجاباً وتقديراً. ولا في رمزها: فمحمد صلى الله عليه وسلم ما كان عابساً ولا مكشراً، وما ضرب أحداً في حياته، لا امرأة ولا غيرها، تقول عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها: ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها " رواه البخاري ومسلم. وإنه لمن الحسرة والبؤس على الصحيفة الدنمركية وعلى حكومة الدنمرك أن يكون مجرد علمهم عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما استهزؤوا به، مما أوحت به إليهم الأنفس الشريرة، وصدق الله: ;يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون; [يس: 30]. الوقفة الثانية: السخرية بالأنبياء لن تزيد العالم إلا شقاءً وبؤساً. فلا يخفى أن العالم اليوم يشهد اضطرابات عديدة، أريقت فيها الدماء وأزهقت الأرواح، بغياً وعدواناً، بما يجعلنا أحوج ما نكون لنشر أسباب السلم والعدل، وخاصةً احترام الشرائع السماوية واحترام الأنبياء والمرسلين، فهذا المسلك يتحقق به حفظ ضرورات البشر في أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، وغير ذلك من حقوقهم ومقومات عيشهم الكريم. وإن مثل هذه الأطروحات العدائية والاستفزازية لن تزيد العالم إلا شقاءً وبؤساً، ذلك أننا جميعاً بحاجة لمصادر الرحمة والهدى، والتي يسَّرها رب العالمين على يدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فكان المستهزئون به عليه الصلاة والسلام، المشوهون لحقيقة حياته ورسالته ممن يصد الناس عن الخير ويمنع من استقرار العالم وطمأنينته، وهذا الصنف من الناس توعده الله في كتابه وندد بسوء فعالهم: (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ) [إبراهيم: 3]. وإنَّه لمن المؤسف لحال البشرية اليوم، مع ما وصلت إليه من التقدم في مجالات عديدة من علوم الدنيا، بما تتضمنه من الاكتشافات المبهرة، ثم يأتي في هذا الخضم من العواصم التي تدَّعي التحضر أصواتٌ مبحوحة وكتابات ساقطة تتردى معها تلك المجتمعات بسبب إسقاطات أخلاقية نحو المقدسات. الوقفة الثالثة: إن ادعاء هذه الصحيفة وما تتشدق به من حرية التعبير في نشرها لتلك الرسوم الساخرة من محمد رسول الله، ادعاءٌ غير مسلَّم ولا مقنع، لأن جميع دساتير العالم ومنظماته تؤكد على احترام الرسل، وعلى احترام الشرائع السماوية، واحترام الآخرين وعدم الطعن فيهم بلا بينة. وقد جاء في ميثاق شرف المجلس العالمي للفيدرالية الدولية للصحفيين ما ينص على ذلك. ولذلك حين نطالب الصحيفة والحكومة الدنماركية بالاعتذار وبمنع تلك الإساءات لاحقاً فإننا نعتمد أيضاً على ميثاق صحفي شريف، جاء فيه: ( سيقوم الصحافي ببذل أقصى طاقته لتصحيح وتعديل معلومات نشرت ووجد بأنها غير دقيقة على نحو مسيء). ولا شك أن ما نشرته الصحيفة الدنماركية مسيءٌ لأكثر من مائتي ألف من مواطني الدنمارك، ومسيء لأكثر من مليار وثلاثمائة مليون شخص، ومعهم غيرهم من المنصفين من أصحاب الملل الأخرى، كلهم يعظمون رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، وسيبقى ذلك العمل مسيئاً لكل المسلمين ما بقيت هذه الحياة على وجه الأرض، وستبقى الدنمارك ـ إذا لم تعالج هذه الإساءة ـ مصدر قرف واشمئزاز من عقليات تقطن فيها، وتعادي الرسل والشرائع السماوية وتسخر بها. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .. . الحمد لله رفع قدر أولي الأقدار، وحط عنهم بفضله الذنوب والأوزار، أحمده سبحانه وأشكره على فضله المدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده رسوله المصطفى المختار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الأطهار، من المهاجرين والأنصار والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القرار. أما بعد: عباد الله، الوقفة الرابعة: لنعلم يا عباد الله أن الاستهزاء بالأنبياء مسلك الأشرار، وسبيل الفجار. فتلك الإساءة التي نشرتها هذه الصحيفة لم تخرج عن طريقة أصحاب المناهج الشريرة، الذين حاربوا الأنبياء والمصلحين، وهذا ما أخبرنا الله به عنهم في القرآن الكريم: فقال تعالى: ( فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ). وقال سبحانه عن اليهود: ( كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ). وقال الله عزَّ وجلَّ: ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ. وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ). الوقفة الثامنة: ليحذر المؤذون للأنبياء فإن الله قد توعدهم بالانتقام. فقد كانت هذه الصحيفة ومحرروها في عافية من دنياهم وانهماك في شهواتهم قبل أن يتعمدوا الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم بما نشروه وكتبته أيديهم قد أدخلوا أنفسهم ومن تواطأ معهم في الوعيد الإلهي المسطر في القرآن الكريم: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [الكوثر: 3] أي: إنَّ مبغضك يا محمد، ومبغض ما جئتَ به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين ( هُوَ الأَبْتَرُ): الأقل الأذل المنقطع كل ذِكرٍ له. فهذه الآية تعم جميع من اتصف بهذه الصفة من معاداة النبي صلى الله عليه وسلم أو سعى لإلصاق التهم الباطلة به، ممن كان في زمانه، ومن جاء بعده إلى يوم القيامة. وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك،ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه " انتهى. والأيام بيننا وبين أولئك المبطلين المستهزئين، لننظر من تكون له العاقبة، ومن الذي يضل سعيه، ويكذب كلامه، وتظهر للعالمين أباطيله وافتراءاته، فقد قالها أمثالهم، فلمن كانت العاقبة؟ وأين آثارهم وأين مثواهم؟ قال الله جل شأنه في القرآن الكريم: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [التوبة: 61]، وقال الله سبحانه: ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) [الأحزاب: 57]. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " ومن سُنة الله أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإنَّ الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه، كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكتاب المفترى، وكما قال الله سبحانه: ;فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ; [الحجر: 94 و 95]. والقصة في إهلاك الله المستهزئين واحداً واحداً معروفة، قد ذكرها أهلُ السِّيَر والتفسير. وهذا والله أعلم تحقيق قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [الكوثر: 3] ؛ فكُلُّ من شَنَأَهُ أو أبغضه وعاداه فإنَّ الله تعالى يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: " يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً، فقد بارزني بالمحاربة " فكيف بمن عادى الأنبياء؟ ومن حَارَبَ الله تعالى حُرِبَ. وإذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أُهلكوا حين آذوا الأنبياء وقابلوهم بقبيح القول، أو العمل. وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذِّلة وباؤوا بغضِبٍ من الله، ولم يكن لهم نصير ؛ لقتلهم الأنبياء بغير حق، مضموماً إلى كفرهم، كما ذكر الله ذلك في كتابه. ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يَتُبْ إلا ولا بد أن يصيبه الله بقارعة. عباد الله، وختام هذه الوقفات نداء موجه للمسلمين في شرق الأرض وغربها شمالها وجنوبها. أولاً: اعلموا أن سمعة الإسلام وسمعة النبي صلى الله عليه وسلم مسئولية كل واحدٍ منكم، ذكوراً وإناثاً، فينبغي على كل أحد أن يكون سفير خير ومنبر هدى في بيان حقيقة دين الإسلام، وحقيقة دعوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. ثانياً: أتوجه للتجار ورجال الأعمال بأن يكون لهم موقفهم الحازم غيرة على نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن يوقفوا كل التعاملات التجارية مع الدنمارك، حتى يتم الاعتذار وبشكل علني ورسمي عن ذلك العمل الذي أقدمت عليه هذه الصحيفة المستهترة، وليتذكروا أن المال زائل، لكن المآثر باقية مشكورة في الدنيا والآخرة، وأعظمها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتصار له، ولهم أسوة في الصحابي الجليل عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول، في موقفه الحازم من أبيه المنافق بل رأس المنافقين. فقد ثبت في الصحيحين أنَّ المنافق عبدالله بن أُبيِّ بن سلول ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام سيء، حيث قال: " والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " الحديث، وفيه في رواية الترمذي أنَّ ابنه الصحابي عبد الله بن عبد الله قال لأبيه: " والله لا تنفلت حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز، ولم يأذن لأبيه بدخول المدينة حتى اعتذر ورجع عن قوله، وقال: إنه الذليل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو العزيز. فهل يستجيب رجال الأعمال المسلمين لهذا الواجب في الغيرة على نبيهم عليه الصلاة والسلام، وهل يكفُّون عن التعمل التجاري مع الدنمارك حتى يتم تقديم الاعتذار الرسمي، واشتراط عدم تكرار هذه الجريمة. ثالثاً: دعوة للمسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم والمطالبة بالاعتذار إلى الجريدة على عناوينها المنشورة على الشبكة العالمية، فهذا من أقل الواجبات علينا ولا يكلفنا شيئاً. رابعاً: يجدر التواصل من قبل الشعوب الإسلامية مع وزارة الخارجية الدنمركية لإشعارها بالامتعاض والاستنكار لمساس الصحيفة المذكورة بمقدساتنا. وبيان أن ذلك لن يخدم تطور العلاقات القائمة على الاحترام فيما بين الشعوب الإسلامية والشعب الدنمركي. خامساً: لما كان المسئولون بالدنمارك غير مبالين بدعوات السلام والبيانات التي وجهت إليهم، وبالنظر للإصرار على الحرية المزعومة في الاستهزاء والإساءة برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، أو بأي من إخوانه النبيين، عليهم الصلاة والسلام، فأنه من غير اللائق أن يتوجه الناس لاقتناء أي سلعة منشأها الدنمرك، وهم يجدون بديلاً آخر، حتى يكفوا عن هذه السخرية ويعتذروا منها علناً، ويتعهدوا بعدم تكرارها. اللهم لا تعاقبنا بتقصيرنا في حق خليلك ورسولك محمد، ووفقنا للإيمان به والعمل بما دلَّنا عليه، وإلى الذود عنه وعن شريعته، حتى نرد حوضه المورود ويسقينا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً وتنفعنا بشفاعته يوم العرض عليك فلا تسخط علينا أبداً. أما بعد فإن حير الحديث كلام الله